دور المرأة في المجتمع بمحافظة سوهاج
دور المرأة في المجتمع بمحافظة سوهاج
بقلم ..اسراء المراغي
تلعب المرأة في محافظة سوهاج دورًا محوريًا في النهوض بالأسرة والمجتمع، يتقاطع فيه البعد الاجتماعي مع الاقتصادي والثقافي. ومع التحولات التنموية التي شهدتها الصعيد خلال العقدين الأخيرين، برزت نماذج نسائية فاعلة في التعليم وريادة الأعمال والحرف التراثية والعمل المدني، ما يجعل الاستثمار في قدرات المرأة رافعة أساسية لتحسين جودة الحياة في المحافظة.
جذور تاريخية وهوية محلية
إرث الحرف اليدوية: تشتهر مناطق من سوهاج—وخاصة أخميم—بالحرف النسيجية والتطريز، وهي مجالات أساسية تقودها سيدات حافظن على طابعها الفني وطورنها لتناسب الأسواق الحديثة.
المرأة والريف: ساهمت النساء تاريخيًا في الزراعة المنزلية وتربية الدواجن وصناعات الغذاء التقليدية، بما يجعل دورهن جزءًا أصيلًا من الأمن الغذائي المحلي.
أدوار معاصرة ومتنامية
التعليم وبناء رأس المال البشري
ارتفاع إقبال الفتيات على التعليم الأساسي والجامعي في سوهاج يعزّز فرصهن في سوق العمل ويقلل الفجوة المعرفية بين الجنسين.
وجود كليات وتخصصات تخدم سوق العمل (كالتمريض، والتربية، والتجارة) يمنح المرأة مسارات مهنية مستقرة داخل المحافظة.
القطاع الصحي والرعاية المجتمعية
تمثل الكوادر النسائية (طبيبات، ممرضات، ومثقفات صحيات) خط الدفاع الأول في حملات الصحة العامة، خاصة في القرى والنجوع، بما ينعكس مباشرة على صحة الأم والطفل.
الاقتصاد المحلي وريادة الأعمال
انتشار مشروعات متناهية الصغر والصغيرة تقودها نساء: مثل تصنيع المنتجات الغذائية المنزلية، ومنتجات الألبان، والحرف اليدوية، والتجارة الإلكترونية على نطاق محدود.
الجمعيات الأهلية والمبادرات الشبابية أصبحت منصات للتدريب على مهارات التسويق والتغليف والبيع عبر الإنترنت.
الحفاظ على الهوية الثقافية
مشاركة المرأة في الفولكلور المحلي، والأزياء التراثية، والحكايات الشعبية، تُسهم في صون الذاكرة الثقافية للمجتمع السوهاجي وترويجها سياحيًا.
التحديات الواقعية
الفجوة بين التعليم وفرص العمل: رغم تحسّن نسب التعليم، لا تزال بعض الخريجات يواجهن صعوبات في إيجاد وظائف لائقة داخل المحافظة.
العوائق الاجتماعية والثقافية: قد تحدّ بعض الأنماط الاجتماعية من حركة المرأة ومشاركتها في سوق العمل أو في الشأن العام.
ضعف الوصول إلى التمويل: تعاني كثير من صاحبات المشروعات المنزلية من محدودية القروض الميسّرة أو صعوبة الضمانات.
الفجوة الرقمية: الحاجة إلى مهارات رقمية أفضل لاقتناص فرص التسويق الإلكتروني والتعليم عن بُعد.
مبادرات وحلول عملية مقترحة لسوهاج
حاضنات ومسرّعات للمشروعات النسائية
تخصيص حاضنة أعمال في مدينة سوهاج وأخرى في المراكز الريفية لتقديم التدريب والإرشاد القانوني والمالي وربط المنتجات بالأسواق.
سلاسل قيمة للحرف التراثية (أخميم نموذجًا)
إنشاء علامات تجارية تعاونية، مع تدريب على التصميم الحديث وضبط الجودة، وربط الإنتاج بالمعارض القومية والمنصات الرقمية.
تمويل ميسّر مع تدريب مالي
برامج قروض صغيرة بفوائد منخفضة، مقابل التزام المستفيدات بحضور دورات في التخطيط المالي، والتسعير، وإدارة المخزون.
منصات تسويق إلكتروني محلية
بناء متجر إلكتروني “صُنع في سوهاج” يضم منتجات السيدات (نسيج، تطريز، غذاء منزلي)، مع خدمات تصوير احترافي وتغليف وشحن.
جسور بين الجامعة وسوق العمل
مواثيق تدريب وتوظيف مع القطاع الخاص في سوهاج وأسيوط وقنا، وتوسيع التدريب التعاوني لطالبات الكليات العملية.
التمكين الرقمي في القرى
ورش مكثفة للمهارات الرقمية (استخدام الهاتف الذكي للأعمال، التسويق عبر فيسبوك وإنستغرام، إدارة الطلبات) داخل مراكز الشباب والوحدات المحلية.
خدمات رعاية داعمة للعمل
تشجيع إنشاء حضانات مرنة بالقرب من التجمعات الصناعية والأسواق، لتخفيف عبء الرعاية وتمكين الأم العاملة.
تعزيز المشاركة المدنية والقيادية
برامج إعداد قيادات نسائية شابة للمشاركة في اللجان المجتمعية، والمجالس المحلية المستقبلية، والجمعيات الأهلية.
قصص نجاح قابلة للتكرار (نماذج)
مشروع نسيج منزلي مطوّر: تحويل ورشة تقليدية في أخميم إلى ورشة حديثة عبر تدريب على التصميم المعاصر، اعتماد كتالوج موسمي، وبيع عبر منصة إلكترونية—ما يضاعف هامش الربح ويخلق فرص تدريب لفتيات القرية.
مطبخ مجتمعي: تعاون مجموعة من السيدات لإنتاج وجبات صحية للمدارس والفعاليات، مع تراخيص صحية وتعبئة احترافية، يخلق وظائف مستقرة ويعزز الأمن الغذائي.
مؤشرات متابعة وتقييم
نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة داخل المحافظة.
عدد المشروعات النسائية المُسجَّلة سنويًا وحجم مبيعاتها.
معدل الالتحاق بالتعليم الفني والجامعي للفتيات.
عدد الدورات التدريبية المعتمدة ومعدلات التوظيف بعدها.
نمو صادرات/مبيعات منتجات أخميم الحرفية وأسواقها.
تمكين المرأة في سوهاج ليس ترفًا اجتماعيًا، بل خيارًا تنمويًا حتميًا يرفع دخل الأسر، ويحسّن الخدمات الصحية والتعليمية، ويحافظ على التراث المحلي ويمنحه حياة جديدة في أسواق اليوم. وبخريطة طريق تتكامل فيها أدوار الأسرة والمجتمع المحلي والجامعة والقطاع الخاص والجمعيات الأهلية، تستطيع سوهاج أن تقدّم نموذجًا ملهمًا للتمكين المتوازن الذي يثمر تحسنًا ملموسًا في جودة الحياة للجميع.
تعليقات
إرسال تعليق